بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

فن و ثقافة

فيلمان فلسطينيان يتألقان عالميًا رغم الحرب

رغم تصاعد الأحداث المأساوية في غزة خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، فإن فيلمين فلسطينيين حققا نجاحًا عالميًا بارزًا هذا العام، رغم تصويرهما قبل اندلاع الحرب. الفيلم الأول هو “كان يا ما كان في غزّة” للمخرجين عرب وطرزان ناصر، والذي نال الجائزة الأولى في تظاهرة “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي. أما الفيلم الثاني فهو “لا أرض أخرى”، والذي حصد جائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجاني برلين والأوسكار على التوالي.

نجاح يُكرّس حضور السينما الفلسطينية عالميًا

هذان الفيلمان يعكسان تطور السينما الفلسطينية من الخطاب المباشر إلى أعمال فنية عميقة تحظى باعتراف عالمي. فالسينما الفلسطينية أثبتت أنها ليست فقط مرآةً للواقع، بل أداة لتوثيقه ومساءلته فنيًا، رغم غياب أرشيف موحد يوثق بدقة عدد الأعمال السينمائية المرتبطة بالقضية الفلسطينية. إلا أن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 400 فيلم تناولت القضية، تنوعت بين الأفلام الروائية والتسجيلية، القصيرة والطويلة، محليًا ودوليًا.

من الدعاية العاطفية إلى الواقعية المؤثرة


في البدايات، سيطرت على الأفلام الفلسطينية النبرة الدعائية المباشرة، كما في “الفدائيون” (1967) لكريستيان غازي، و”كلنا فدائيون” (1969) لغاري غرابتيان، و”الفلسطيني الثائر” (1969) لرضا ميَسّر. هذه الأعمال، وإن عكست حماسة المرحلة، إلا أنها افتقرت إلى العمق الفني في تناول القضية.

السبعينات.. بداية التحول الفني والدرامي

شهدت فترة السبعينات تحولًا كبيرًا، مع أعمال ذات بعد فني وإنساني أعمق. أبرزها فيلم “المخدوعون” لتوفيق صالح (1972)، و**”كفر قاسم”** لبرهان علوية (1974)، و**”عائد إلى حيفا”** لقاسم حول. هذه الأفلام قدمت طرحًا سينمائيًا أكثر نضجًا وابتعدت عن الشعارات.

ميشيل خليفي.. الصوت الفلسطيني المؤسس


أحدث المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي نقلة نوعية في السينما الفلسطينية، من خلال فيلمه التسجيلي “ذاكرة خصبة” (1981)، والذي وثّق رفض فلسطينية لبيع أرضها، قبل أن يواصل مسيرته بأعمال مهمة مثل “عرس الجليل” (1987) و”زنديق” (2014).

مخرجون من غزة والشتات يوسّعون نطاق التأثير

تبعه رشيد مشهراوي، ابن غزة، بإنتاجات غزيرة مثل “الكتابة على الثلج”، وآخرها “من المسافة صفر” (2023) الذي جمع فيه 22 فيلمًا قصيرًا لمخرجين من غزة. كما لمع نجم إيليا سليمان بأفلامه الفريدة مثل “الزمن المتبقي” (2009) و”إن شئت كما في السماء” (2019).

هاني أبو أسعد ومي المصري.. واقعية معاصرة

نجح هاني أبو أسعد في تقديم القضية بصيغة درامية إنسانية في “الجنة الآن” (2005) و”عمر” (2013) و”صالون هدى” (2021). كما أبدعت مي المصري في “3000 ليلة”، وهو عمل تسجيلي يعكس معاناة السجينات الفلسطينيات. كذلك قدمت نجوى النجار فيلم “بين الجنة والأرض” (2019)، وآن ماري جاسر أخرجت “واجب” (2017) و”ملح هذا البحر” (2008).


جيل جديد يُصدّر القضية إلى العالم

خلال الـ25 عامًا الماضية، شهدت السينما الفلسطينية بروز عدد كبير من المخرجين العرب، المقيمين والمهاجرين، الذين قدموا رؤى متنوعة وواقعية للقضية الفلسطينية، محققين انتشارًا عالميًا واسعًا، ورسّخوا حضور فلسطين في مهرجانات السينما الدولية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إعلانات
زر الذهاب إلى الأعلى